وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ

Sunday, February 26, 2012

حينما تستدعي المصلحة السياسية



دعنا نلق نظرة علي تلك المادة :
وتقدم طلبات الترشيح إلى لجنة تسمى لجنة الانتخابات الرئاسية تتمتع بالاستقلال وتشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة وخمسة من الشخصيات العامة المشهود لها بالحياد يختار ثلاثة منهم مجلس الشعب ويختار الاثنين الآخرين مجلس الشورى، وذلك بناء على اقتراح مكتب كل من المجلسين وذلك لمدة خمس سنوات، ويحدد القانون من يحل محل رئيس اللجنة أو أي من أعضائها في حالة وجود مانع لديه‏.‏
وتختص هذه اللجنة دون غيرها بما يلي‏:‏ 1-‏ إعلان فتح باب الترشيح والإشراف علي إجراءاته وإعلان القائمة النهائية للمرشحين‏. 2-‏ الإشراف العام علي إجراءات الاقتراع والفرز. 3-‏ إعلان نتيجة الانتخاب. 4-‏ الفصل في كافة التظلمات والطعون وفي جميع المسائل المتعلقة باختصاصها بما في ذلك تنازع الاختصاص. 5-‏ وضع لائحة لتنظيم أسلوب عملها وكيفية ممارسة اختصاصاتها. وتصدر قراراتها بأغلبية سبعة من أعضائها علي الأقل وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة ، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ، ويحدد القانون المنظم للانتخابات الرئاسية الاختصاصات الأخرى للجنة.
ولنؤكد علي تلك الفقرة :
وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة.
بالطبع لا يخفي علي احد ان تلك المادة التي تحدد الملامح العامة لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة وتشكيل اللجنة المخول لها الاشراف علي تلك الانتخابات وقراراتها وما الي ذلك...لكن اللافت للنظر ان قرارات تلك اللجنة نافذة بذاتها غير قابلة للطعن..هذا يعني ياسيدي الفاضل انه مهما رايت من انتهاكات ومهما حدث من تزوير فان نتيجة الانتخابات المقبلة نهائية ولا رجعة فيها وان الرئيس القادم في مصر بعد الثورة تأتي نتيجة انتخابه الزامية الزامية مهما حدث.
دعنا من ان هذا يعتبر عبثا في ظل ذلك الفساد المستشري حتي الان في الحياة السياسية المصرية..ولكن هناك من القوي السياسية ما يعتبر تحالفه مع المجلس العسكري لاختيار رئيس توافقي هو الخطوة النهائية لانهاء تلك الثورة من جذورها والاحتكام الي مؤسسات تشريعية وتنفيذية تأتي من احكام دستورية وقوانين خرقاء ليس ادل عليها من قرار المحكمة الادارية العليا ببطلان الانتخابات البرلمانية حيث قالت في حيثياتها انه تبين لها
«عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثالثة والفقرة الأولى من المادة السادسة والمادة التاسعة مكرر «أ» من قانون مجلس الشعب لأنها سمحت للأحزاب السياسية بمنافسة المرشحين المستقلين على نسبة ثلث مقاعد مجلس الشعب، مما يترتب عليه مزاحمة المستقلين فى مقاعد يجب أن تخصص لهم».
وأكدت المحكمة أن هذه النصوص أخلت بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص ومنحت الأحزاب أولوية وأفضلية بأن جعلت انتخاب ثلثى الأعضاء بنظام القوائم الحزبية والثلث الآخر بنظام الفردى، رغم أن الشرعية الدستورية تستوجب أن تكون القسمة متساوية، حسبما كان مقررا فى المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011، الذى ألغاه المجلس العسكرى تحت ضغط القوى السياسية، وأصدر بدلا منه المرسوم رقم 123 لسنة 2011 الذى تضمن هذه المخالفة الدستورية.
وأضافت المحكمة أن هذا الخلل لم يقتصر على القسمة فقط بل إنه امتد ليزاحم المستقلين فى حقهم الدستورى وسمح للأحزاب بمزاحمتهم، مما ينطوى على تمييز فئة على أخرى لمجرد الانتماء الحزبى الذى لم يفرضه القانون وما يستحيل معه ممارسة المرشح المستقل حقه السياسى فى الترشح على قدم المساواة مع المرشح الحزبى.
وأوضح المستشار مجدى العجاتى، رئيس المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا هى المنوطة بإصدار حكم ببطلان انتخاب الثلث الفردى بالطريقة التى تم بها، وذلك فى حالة تبنيها نفس رؤية الإدارية العليا، والمهم هنا أن هذا البطلان إذا حدث لن يؤدى إلى إلغاء ما قد يقرره مجلس الشعب من قوانين وقرارات بل تظل صحيحة ونافذة، مشددا على أن المحكمة الدستورية هى صاحبة القول الفصل فى القضية.
وكان العديد من خبراء القانون الدستورى والمستشار طارق البشرى قد أكدوا علنا أن تقسيمة الثلثين والثلث بها شبهة عدم دستورية، لمخالفتها مبدأ شهير للمحكمة الدستورية العليا حلت به مجلس الشعب المنتخب عام 1987 بسبب إجرائها كاملة بالقوائم الحزبية، وحرمان المستقلين من خوضها.
حسنا..دعنا من تلك الثرثرة القانونية التي تثير الضجر..مفاد الامر ان قانون الانتخابات البرلمانية التي نبحت اصواتنا في تعديله غير دستوري ولا يحقق تكافؤ الفرص..وان قانون الانتخابات الرئاسية غير قانوني طالما قراراته نافذة لا يجوز الطعن فيها...لسنا مجموعة من الملائكة بحق الله والانتهاكات واردة والتزوير وارد فكيف لا تتواجد اي جهة معنية في الدولة لا تستطيع الطعن في نتيجة تلك الانتخابات؟
مما سبق نستطيع تلخيص مجموعة من النقاط:
1.انه في ظل تلك المادة واختيار رئيس توافقي يرضي عنه المجلس العسكري وتباركه الاحزاب السياسية هو الهراء بعينه..بالنظر الي تونس علي سبيل المثال فان اختيارهم لرئيس توافقي اتي عبر صناديق الاقتراع كان جيدا وموفقا لعلم الجميع ان ذلك الرئيس التوافقي هو رئيس مؤقت حتي تقوم لجنة اعداد الدستور بدورها في عمل دستور دائم للبلاد يستفتي عليه وبعد اقراره يتم عمل انتخابات رئاسية حسب الدستور الجديد وهو ما دعي الدكتور محمد البرادعي اليه لانقاذ ما يمكن انقاذه في خريطة الطريق المشوشة المشوهة التي تسير فيها مصر بعبثية شديدة.
2.لم تتفق القوي السياسية ابان كل الموجات الثورية منذ قيام الثورة علي رئيس توافقي او رئيس حكومة انقاذ وطني.فما الذي يدعوها الي الاتفاق الان؟..وماهي مقومات الرئيس التوافقي الذي يمكن ان تتحد عليه اراء القوي الاسلامية والليبرالية واليسارية ويحظي برضا من المجلس العسكري..بالتأكيد كي يغض الطرف عن كل جرائمه التي حدثت في المرحلة الانتقالية من قتل وسحل وكل ذلك الفساد والسرقة والنهب وتجاهل القضايا الحيوية كثروات النظام السابق المنهوبة بالخارج والتي اكدت المفوضية الاوروبية انها كانت قادرة علي اعادتها  لولا تخاذل جميع رؤساء حكومات مصر بعد الثورة في التعاون معها.
3.اتفاق القوي السياسية علي رئيس توافقي تدعمه تحت حكم المجلس العسكري يلغي اي شبهة شفافية وموضوعية ونزاهة لانتخابات الرئاسة القادمة..ما الذي يدفع مواطن عادي لاختيار رئيس توافقي ذو برنامج ضعيف في الوقت الذي يوجد فيه العديد من مرشحي الرئاسة الذين لهم برامج اقوي ومواقف مشهودة..وما الذي يضمن له نزاهة تلك الانتخابات اذا ما اختار مرشح ذو برنامج افضل من برنامج المرشح التوافقي للرئاسة ثم يفاجئ بان ذلك التوافقي قد فاز في انتخابات الرئاسة لمجرد دعم الاحزاب والمجلس العسكري له؟..واضعا في الاعتبار ان القرارات النهائية التافذة تثير الشك في نزاهة تلك الانتخابات من الاساس
4.الاستنتاج النهائي لما سبق ان الرئيس التوافقي هو رئيس يرضي عنه المجلس العسكري مما يشكك في مواقفه القادمة..تباركه الاحزاب السياسية مما يؤكد عدم موضوعية الاختيار..فقط لتختار القوي السياسية والمجلس العسكري مرشحا للرئاسة وما علي الشعب المصري الا ان يقول امين..ويذهب جحافلا وطوابيرا الي صناديق الاقتراع لاختياره كما سيق قبلا جحافلا وطوابيرا ليقول نعم للتعديلات الدستورية المعيبة وليختار برلمان مغيب لا تحترمه مؤسسات الدولة..وان اعترضت علي تلك الكلمة فدعني اذكرك بأنه قد تم صرف ما يقرب من المليونين لاعداد مستشفي طرة لنقل الرئيس المخلوع اليها ثم رفض المستشار احمد رفعت نقله...ولأذكرك بأنه عند المطالبة باقالة النائب العام خرج المستشار الزند في مؤتمر صحفي ليعلن انه لا توجد مؤسسة في الدولة تستطيع اقالة النائب العام..والعديد من القضايا التي اثبت البرلمان المصري فشلا ذريعا في حلها كلجنة تقصي احداث بورسعيد وازمة انابيب البوتوجاز والارز والقمح و..و..و..
.لقد اصبحت رائحة لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل تزكم الانوف..طريقتها في الادارة واثارة الرأي العام واشغاله بقضايا فرعية تافهه..نفس الطريقة ونفس الاداء السابق المثير للشفقة..فلتثر قضايا عدة تشغل بها الرأي العام...فلنثر معارك بين الاسلاميين والليبراليين حول حجب المواقع الاباحية الذي يستطيع اي شاب في السادسة عشر كسرها وفتح برامج البروكسيات المتعددة والتي استخدمناها في فتح موقع الفيس بوك عند حجبه ابان الثورة مما يعيد رواج بيع الصور والافلام الاباحية كما كان يحدث سابقا...الاقصي يدنس وسوريا تذبح والمجلس يناقش تلك القضية العاامة الهامة عن حق الضباط في اطلاق اللحي متناسيين حق الشعب المصري عليهم في استتباب الامن والامان ...افتعال المعارك وتضخيم المشكلات كمشكلة زياد العليمي و نأجيج الصراع حول مبادرة المعونة التي اطلقها الشيخ محمد حسان وما اذا كانت حلا جذريا نافعا او هرطقة سياسية مع التأكيد بأنه من الشركات من خصم يوم او يومين رغما عن العاملين لدعم المبادرة..ولنتناسي جميعا الاولويات في انقاذ الاقتصاد المصري وسرقة منجم السكري والاموال المنهوبة والفساد الاداري المستشري...وفوق كل ذلك الجرائم الجنائية المتهم فيها المخلوع وعصابته والمشيرطنطاوي ومجلسه.
عودة الي الثرثرة القانونية...فان المادة التي تحدثت عنها في اول المقال ليست هي المادة 28 من الاعلان الدستوري..هي المادة 76 من التعديلات الدستورية لعام 2007 والتي قامت الدنيا ولم تقعد لرفضها وشجبها والمناداة في كل وقت وان بانها المادة التي تصنع ديكتاتورا وطاغية...وان لم تصدق فنص المادة 28
" تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتـُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ،وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة ،وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولـة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة.
وتـُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 39 
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور.
وتـُصـدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشـر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره."
اما عن سر موافقة بعض القوي السياسية عليها وعدم طلب تغييرها فانه في عالم السياسة لا توجد عداوات دائمة او صداقات دائمة...توجد مصالح..وحينما تتوافق المصالح او تتعارض تستطيع فقط ان تصرخ معترضا علي مادة دستورية ما بحجة صناعة ديكتاتور ثم توافق عليها حينما تقتضي المصلحة ذلك او ان تؤيد شخصا ما في فترة ما ثم تعارضه وتتهمه بالعمالة والكفر والالحاد.
اما ان لكم جميعا ان تستقيموا ايها السادة يرحمكم الله؟ 

No comments: