يذكر التاريخ أن الرئيس الأميركي نيكسون عندما أراد الإيقاع بمنافسه في انتخابات الرئاسة الامريكية في إحدى الولايات , فطلب من احد مساعديه ان يسرب خبر في إحدى الصحف أن منافسه "لا يضاجع الأبقار" فسأله مساعده بذهول:، وهل قال أحد إنه يفعلها؟
فأجابه ..اننا ننفي, ولم أقل إنه يفعلها
واتسعت ابتسامته وقال له:فلتدعه يثبت انه لم يفعل ذلك!!
الان وقد وصلت بنا الامور الي ذلك الحد المختلط به المفاهيم وأصبحت مصر اشبه بتلك المرأة الهستيرية المصابة بصدمة عصبية قوية ..كل يغني علي ليلاه...كل يتمسك بمكاسب الفترة الانتقالية عملا بمبدا "عصفور في اليد..خير من عشرة تأتي بها ثورة اخري"...اصبح الثوار فلولا والمتظاهرين يريدون احراق البلاد وتخريبها وتقسيمها والسماح لقوات دولية بانتهاك حرماتها...اصبحت البلطجة هي اسم اللعبة وتخريب المنشات هو الهدف الرئيسي...كل يخوف ويخون ويخول لنفسه حقوقا لم يمتلكها الا بعد الثورة واصبح شرفاء مصر ممثلين فيمن يدافعون عن المجلس العسكري وقراراته الخرقاء وتواطؤه المتعمد في طمس ادلة فساد النظام السابق وملاحقة النشطاء بل وقمع حريات التعبير...اصبحت بيانات المجلس العسكري موجهة تجاه الشرفاء الذين يناصرون مخلوع مصر ليلا نهارا جهارا واصبحت اجتماعاته مع من يعده بخروجا امنا من السلطة دون ملاحقة قضائية بل ووضع مكانة خاصة له في دستور مابعد الثورة.
وحتي لا يقع العبد الفقير الي الله المتهم بالعجز والتقصير في خانة التعميم القميئة وحتي تكون الرسالة اكثر تركيزا وتوجيها فانه يجب توضيح ما يلي:
1-التيارات الاسلامية مثل السلفيين والجماعة الاسلامية التي خرجت رغما عنها عن الشرعية ابان النظام السابق لم يكن لها الدور البطولي الذي يرسمه اعضاءها في معارضة النظام السابق ولتسأل عن ذلك كل من اعتقل في غياهب امن الدولة "الامن الوطني في حلته الجديدة" لأنه فقط يلتزم بالصلاة في المسجد او يطلق لحيته...ليس هذا نضالا ايها السادة ولنتسم ببعض العقلانية فأعظم الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر وفتاوي الخروج عن الحاكم تنتشر انتشار النار في الهشيم يوما بعد يوم بدءا بمظاهرات يناير حتي مظاهرات يناير القادم ..لن أدعي البطولة ولن يزايد احدا عما عانته تلك التيارات من قمع وتعذيب ولكننا كي نسمي الامور بمسمياتها فهذا ليس معارضة للنظام بقدر ماكان التزاما دينيا شخصيا جلب لصاحبه المصاعب.
ولهذا حين يكتسب احدهم مكتسبا وثقلا سياسيا بعد ثورة عارضها من الأساس فلا يحق له ابدا ان يتهم من قام بالثورة بالتحريض والخيانة والتخريب وليس من حقه اطلاق الاتهامات جزافا علي حركات سياسية كحركة 6 أبريل وكفاية بالتمويل الخارجي والعمالة..بل واجرؤ علي القول بان معاداة الليبراليين والعلمانيين والاشتراكيين والاقباط وزهور الصبار والتماثيل الفرعونية ومياه البحار ورمال الصحراء ليس من الحصافة والكياسة في شئ في الوقت الذي قامت فيه تلك الثورة-انصافا-علي اكتافهم دون اي مبالغة وفي الوقت الذي يستعدون فيه لممارسة العمل السياسي الذي يستلزم منك التعامل مع كل التيارات والجنسيات والديانات..وليكن في تاريخ مصر عبر العصور عبرة لمن يعتبر فدائما ما استخدم الحاكم تلك التيارات لقمع المعارضة يسارية كانت او يمينية ثم يأتي الدور بعد ذلك عليها عملا بجزاء سنمار.
2- الاخوان المسلمين كما عهدتهم منذ قيام الثورة اصحاب اكثر الفقرات ترفيها في السيرك السياسي..اطلاق فقاعات الاختبار وقياس نبض الراي العام ثم التراجع عن تلك التصريحات عندما تقابل بالرفض..وامساك عصا الموقف من المنتصف حتي اخر لحظة لتحديد الموقف ..ليس ذكاءا سياسيا ايها السادة ان تجلس في غرفة مغلقة لتلعب لعبة الشطرنج السياسي مع نظام غاشم سلطوي مكتفيا بمكاسب محدودة في الوقت الذي لابد لنا من الاعتراف فيه بأن الاخوان المسلمين لهم تجربة سياسية عميقة لم يتسني لهم التفاعل معها واطلاقها من عقالها معتبرة صفقاتها السابقة جزءا من لعبة الشطرنج السياسي..ليس من الحصافة ان يذكر المتحدث الرسمي للاخوان المسلمين عن خروجا امنا للمجلس العسكري من السلطة بل ووضعية خاصة في الدستور متجاهلا ضحايا المجلس العسكري في محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء حقنا للدماء وليس من الذكاء مهاجمة الاشتراكيين الثوريين لمجرد ان قال احدهم انه يسعي لهدم دولة الفساد واقامة دولة قوية ذات مؤسسات فاعلة فهذه مطالبنا جميعا..ليس هذا وقت البيانات المائع فكما قلت قبلا:
قاعدة اعمل نفسك ثوري تثبت فشلها اليوم بعد الاخر...وهي التي تتلخص في جس نبض الراي العام..ولا بأس بعدها من القاء بعض الجثث للكلاب
لا استطيع انكار دور شباب الاخوان في الثورة...ومواقفهم النبيلة اليوم بعد الاخر يثبت اتساع الهوة بين الاخوان المسلمين والثورة نفسها..لولا بقية من ولاء لتبرأ شباب الاخوان من تلك المواقف الهزيلة –وقد حدث هذا فعلا واثبت منهم حضورا قويا في مليونيات قرر مكتب الارشاد عدم الخوض فيها لانهم لا يضمنون لها نجاحا....تلك الضمانة الزائفة بقوة الشارع واغلبية البرلمان لن تفيد اذا ما زادت الهوة اكثر واكثر ووجد الاخوان انفسهم في حالة تضحية دائمة بالثورة للمجلس العسكري .
3-باقي التيارات السياسية وضعت رغما عنها في موضع الخروج عن الشرعية البرلمانية..ومازالت الاصوات تنادي بأن نداءاتهم بالتظاهر وثورة اخري ماهي الا نتاج حضورهم الهزيل في البرلمان واعتراضهم علي نتائج الانتخابات البرلمانية رغم ماشابها من انتهاكات من اهم اسبابها الرئيسية ضعف التجربة البرلمانية في مصر و سوء الاعداد فنحن نتذكر جميعا ان اصوات المصريين كانت تذهب –احياءها وامواتها – الي الصناديق دون اي عناء في اي انتخابات سابقة.
قناعاتك ملك لك وحدك...تستطيع ان تصدق ببساطة ان 6 ابريل مجموعة من العملاء الاوغاد المدربين خارجيا الممولين لاسقاط الدولة وان الاشتراكيين الثوريين هم مجموعة اناركية ملعونة تريد حرق البلاد وتتناسي دور 6 ابريل طيلة الاعوام الماضية في النضال الحق ضد النظام وتظاهرات الاشتراكيين الثوريين تضامنا مع معتقلي الاخوان المسلمين في السجون الحربية وغيرها...تسطيع ان تبرر النداء الي ثورة اخري الي اعتراض اغلبية ليبرالي مصر علي نتيجة الانتخابات والمطالبة بحل البرلمان واعادة الانتخابات وتتناسي مذابح ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وازمة السولار والبنزين وانابيب البوتوجاز والغلاء وهزلية المحاكمات والانفلات الامني المتعمد ورجال مبارك الذين ظلوا الي الامن يحكمون و يتحكمون في ادق تفاصيل المرحلة الانتقالية وصناديق رعاية شهداء الثورة واعتقال النشطاء وتعقبهم وعودة امن الدولة وانتهاكات الشرطة لتظل تسبح كثيرا بحمد المجلس العسكري حامي الثورة وتطالب بخروج امن له من السلطة وعودة للثكنات...تستطيع ان تفسر انسحاب البرادعي من انتخابات الرئاسة علي انه ضعف وخوف من الهزيمة لضعف شعبيته واتجاه اغلبية البرلمان نحو الاسلام السياسي وتتناسي ان مطالب الجمعية الوطنية للتغيير العشرة التي وقع عليها الالاف هي اهم مكتسبات الثورة حتي الان...تتناسي انه اكثر السياسيين المصريين الذي تم تشويههم عبر العصور ..وانه ايضا اكثر السياسيين المصريين ثباتا علي مبادئه قويا في مواقفه وفي بياناته وحواراته وانه –رغم انف الجميع- هو من اشعل شرارة التغيير والثورة في مصر.
اعلان محمد البرادعي انسحابه من سباق الرئاسة يعني ببساطة موت حلمه في التغيير...يعني ان الامور قد عادت الي سابق عهدها حين رفض الترشح امام مبارك الا بعد تعديل الدستور...يعني ان نظام مبارك مازال قائما بكل عنفوانه ..يعني انه قد قرر نهائيا الا ينفي عن نفسه تهمة مضاجعة الأبقار فالمواطنون الشرفاء ايها السادة لا يضاجعون الابقار..ولا ينتظرون من احد نفي ذلك..
فلتستقيموا ايها السادة يرحمنا ويرحمكم الله..
1 comment:
جميل ، قلت كل اللى نفسي اقوله .. الثورة ستنتصر إن شاء الله مهما كانت الضغوط
Post a Comment