الاسطول الذي...والاحتفالية التي لم

دعني اخبرك ان كنت لا تعلم بأنه يوم الثاني من نوفمبر لهذا العام الجاري الذي تكاثرت احداثه علي  جميع المستويات قد قام سبعة وعشرون صحفيا و ناشطا سياسيا من مختلف انحاء العالم بالابحار من ميناء "فتيحة"التركي علي متن سفينتين احدهما كندية تحمل الاسم"تحرير" والاخري ايرلندية "سويرس" فيما اطلق عليه اسم اسطول "امواج الحرية" بهدف كسر الحصار الغاشم المفروض علي غزة منذ العام 2007.

سبعة وعشرون شابا وجهوا صفعة كبري لمتشدقي الحرية وحقوق الانسان والمنظمات الدولية العملاقة واثنتين وعشرين دولة عربية واربعة وخمسين دولة اسلامية وتابعهم العديد من النشطاء علي مستوي العالم اجمع منددين بالاحتلال الاسرائيلي حتي انقطعت الاتصالات عنها تماما يوم الخامس من نوفمبر وتم اقتحامها من قبل قوات الكوماندوز الاسرائيلي واجبارها علي التوجه الي ميناء اشدود.

ولذلك وان كنت لا تعلم بأنه هناك من وطن في قلبه وضميره بأن يكون جل هدفه هو كسر حصار غزة – لك ان تتخيل شابا في اواخر العشرينات ان يمتلئ حماسة واملا في ان يفعل مالم تفعل دول كبري اخري -  دون ان يتم اتهامه بالعمالة او التربح لحساب دول اجنبيه ...ولم يتم وصمه بالشذوذ الجنسي والالحاد..ولم يتم تصنيفه ايديولوجيا...لك ان تعلم بان البحرية الاسرائيلية حين وجهت اول اتصال الي السفينة تحرير سائلة قائدها عن وجهتها النهائية رد قائلا  ذلك الرد المفحم الموجع النقي العفوي..."الخير للبشرية كلها".

في الوقت الذي هاج الرأي العام وماج وثار وفار حين قررت فجأة منظمة ماسونية ما اقامة احتفالاتها علي سفح الهرم الاكبر يوم الحادي عشر من نوفمبر...تلك الاحتفالات التي اقيمت يوما تحت اسماع وابصار الحكومة ابان النظام البائد وانتشرت المطالبات بعمل دورع بشرية امام الهرم الاكبر لمنع تلك الاحتفالية وبلغ الامر اشده واوجه يوم الخميس العاشر من نوفمبر ليلا حين تسربت لجميع شبكات الاخبار علي الانترنت والفيس بوك والصحف الالكترونية صورا تفيد ببدء تلك الاحتفالية بالفعل..مع انتشار هائل لقوات الامن واغلاق منطقة الاهرامات بالكامل وصمت تام للحكومة  الا من تصريح هزيل بأنه تم الغاء الاحتفالية بالفعل وعدم الانسياق للشائعات التي تتردد علي الساحة ...في ظل تزايد الانفعالات وسخونة الاحداث التي وصلت لأوجها سمحت الحكومة اخيرا بوفد شعبي مصاحب لبعض الصحفيين بالدخول الي ساحة الاهرامات لاثبات الغاء الاحتفالية بالفعل.

في عام 2008، شهدت مدينة دمياط واحدة من أكبر الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، حين احتشد الآلاف من المواطنين للاحتجاج على مشروع الأسمدة النيتروجينية الذي سعت شركة "أجريوم" الكندية لتنفيذه بتكلفة 1.4 مليار دولار. وأجبرت الاحتجاجات الحكومة على إلغاء المشروع، معلنة عن قيام شركة" موبكو" الحكومية لتصنيع المنتجات البترولية بشراءه في شهر نوفمبر من نفس العام. كما قالت الحكومة أنها سوف تقيم مصنع الأسمدة في موقع آخر بعيدا عن منتجع رأس البر وكان مافعلته الحكومة ان حركت المشروع بضع كيلومترات بداخل ميناء دمياط  وقامت لجان علمية مختلفة بتقييم الآثار البيئية للمصنع علي مدي الثلاثة اعوام المنصرمة ، وجاءت نتائج التقييمات متضاربة حول ما إذا كان المصنع مسببا للتلوث بالفعل.

والان دعني اخبرك انه في الوقت الذي عرض فيه الاهالي اسماك ميتة قام احدهم بصيدها من القناة القريبة من المصنع..وشكا المزارعون في المناطق القريبة  من تدمير المحاصيل عادت الاعتصامات  بقوة الي دمياط مرة اخري  وتم غلق الطرق المؤدية إلى مدن رأس البر ودمياط الجديدة، وميناء دمياط والمنصورة، فضلا عن إحراق إطارات السيارات ونصب الخيام على الطريق وتوفي شاب في العشرين من عمره بسبب طلق ناري في الصدر حين حاولت قوات الامن فض الاعتصام بالقوة...انشغل الجميع بالمباراة التاريخية  الودية بين منتخبي مصر والبرازيل في قطر.

وفي الاونه الاخيرة انتشر كالنار في الهشيم اسم علياء المهدي كناشطة في حركة 6 ابريل – كما ذكرت قناة العربية ...حين نشرت صورتها العارية علي مدونتها الخاصة قائلة "
حاكموا الموديلز العراة الذين عملوا في كلية الفنون الجميلة حتي أوائل السبعينات و اخفوا كتب الفن و كسروا التماثيل العارية الأثرية, ثم اخلعوا ملابسكم و انظروا إلي أنفسكم في المرآة و احرقوا أجسادكم التي تحتقروها لتتخلصوا من عقدكم الجنسية إلي الأبد قبل أن توجهوا لي إهاناتكم العنصرية أو تنكروا حريتي في التعبير"

شخصيا لا اعلم مفهوم حرية التعبير الذي يعطي لفتاة في السابعة عشر الحق في ان تنشر صورها عارية علي مدونتها الخاصة..ولكني اعلم جيدا انها نفت انتمائها لحركة 6 ابريل كما نفت الحركة تماما انتماء تلك الفتاة لها تماما...واعلم جيدا ان تلك التدوينة قد نشرتها يوم الثالث والعشرين من اكتوبر فلا يوجد ادني مبرر لعمل تلك الضجة الان...ولكنها تتزامن تزامنا مباشرا بتحويل الناشط احمد دراج للنيابة العسكرية وهو عضو في الجمعية الوطنية للتغييرللتحقيق معه في أحداث ماسبيرو وتجديد حبس علاء عبد الفتاح خمسة عشر يوما علي ذمة التحقيق مما يعيدنا مرة اخري الي دائرة ملاحقة النشطاء وثوار يناير وتشويه صورتهم وتحويلهم الي مجموعة من الشباب التي نزلت الي ميدان التحرير بغرض اقامة علاقات عاطفية وجنسية  وهو ما يؤكده ظهور ذلك الخبر عن مثيلي الجنس الذين يدعون لوقفة في اول يناير لعام 2012 في ميدان التحرير ويصرح احدهم بان زواج مثيلي الجنس حق مشروع  وانهم كانوا في الميدان ابان الثورة ولهم شهداء ايضا...وان ايهم لن يعيش في الجحور والظلام بعد الان !!

جريمة فاضحة بجميع المقاييس مايحدث في مصر الان.. حرب اعلامية نفسية شعواء مركزة مؤثرة ضارية خطط لها اقذر واقدر العقول ...تشويه منظم مركز شديد الفعالية واستهجان واستباحة لايقونة الثورة من اساسها... الاعتصامات والاضرابات والاحتجاجات تجتاح مصر في الوقت الذي لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات...  تحكم محكمة القضاء الاداري بالمنصورة حكما تاريخيا بعزل اعضاء الحزب الوطني المنحل بممارسة الحياة السياسية وخوض الانتخابات البرلمانية...فتقضي المحكمة الادارية  العليا في اسرع حكم طعن في تاريخ المحاكم المصرية برد حكم القضاء الاداري والسماح لاعضاء الحزب المنحل بخوض الانتخابات فيأتي الوقت في مصر بعد الثورة  ليصرح  احد اعضاء الحزب الوطني المنحل بان 25يناير لم تكن ثورة علي الاطلاق بل هي اقرب لانتفاضة شعبية..وتدشين ائتلاف لاعضاء الحزب المنحل ككتلة لخوض الانتخابات الذي ما زلت اقول بأنها ابن  سفاح لعلاقة اثمة غير شرعية... استثارة التيارات الاسلامية التقليدية و التشويه المخطط المتعمد في اتجاه واحد يتلخص في الشذوذ والالحاد والعري واللعب علي وتر الاستباحة الاخلاقية والعبث بالتقاليد والاعراف المتوارثة ... نستطيع ان نقول ان الثورة المصرية تتحول بنجاح تام الي انقلاب عسكري صريح...خاصة مع وجود المادة الخامسة والتاسعة والعاشرة من وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور- فلن انساق وراء من يريد ان ينسبها للدكتور السلمي .

ولأنني تلميذ نجيب في مدرسة نظرية المؤامرة  فانني اسائل نفسي عما مر تحت اسماعنا وابصارنا جميعا يوم الخميس العاشر من نوفمبر حيت انشغل الجميع بمتابعة مباراة مئوية الزمالك مع اتلتيكو مدريد وفي الوقت نفسه تم تسريب الشائعات بلعبة امنية متعمدة قذرة عن ذلك الاحتفال الماسوني تحت سفح الهرم الاكبر في الوقت الذي انشغل فيه العالم اجمع بنشطاء السفينة  الكندية "تحرير" الذي كان علي متنها بالمناسبة الصحفية المصرية "لينا عطا الله"؟؟

"الشعب يريد اسقاط النظام "ايها السادة...فلتستقيموا..استقيموا...يرحمنا ويرحمكم الله