وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ

Saturday, November 12, 2011

المطلب الوحيد



حين ظللنا نسخر ونمزح بشأن القبض علي ثوار التحرير جميعهم رأينا ان ذلك اصبح واقعا مؤلما سوداويا مريعا...قائمة الاتهام في النيابة العسكرية تنتظر الجريمة المناسبة...ومن لا يصدق يستطيع بالقليل من العقل والمنطق والاستدلال ان يستنتج ذلك حين احتوت قائمة متهمي احداث ماسبيرو علي اسماء مينا دانييال ومحمد عادل..الاول متوفي كما نعلم جميعا الا محقق النيابة العسكرية..والاخر مجند في الجيش لم يغادر كتيبته...لا تحتاج الي كثير من الذكاء والعبقرية وتشغيل خلايا العقل الرمادية كي ياتي في ذهنك ذلك السؤال البديهي..كيف يعقل ان يوضع اسم رجل متوفي ورجل لم يغادر كتيبته في قائمة الاتهامات ان لم تكن تلك
القائمة معدة سلفا؟

تعلمت في كل حادثة ان ابحث دوما عن ذلك الفيديو او المقال الذي يشوه مايمكن ان يتعلق بالثورة...اذا اردت تحليل اي حادثة الان فلتبحث عن ثلاثة ردود افعال رئيسية...رد فعل الثوار والنشطاء وهو رد فعل رد فعل يشوبه الانفعال والتلقائية والذي يكون في الاغلب صيحات احتجاج ومسيرات وكلمات ثائرة رنانة تمس القلوب والعقول علي حد سواء...ورد الفعل الـ"كنباوي" الذي يتلخص في جملتي "هي العيال دي عايزة ايه تاني؟" و "كفاية حرام عليكو خربتو البلد.."ورد فعل تأمري واضح فاضح يشير بوضوح الي عقول قذرة اعتادت الدسائس والمؤامرات وتجميع ادق التفاصيل في محاولة لتشويه الحدث...فلتلتف حول علاء عبد الفتاح صاحب مدونة "منال وعلاء" الشهيرة بين اوساط المدونين والذي كنت ومازلت احد معجبيها والذي كان من اوائل النشطاء الذين مزقوا صور مبارك مسقطين شرعيته هاتفين ببطلانه ..والده احمد سيف الاسلام مؤسس مدير مركز هشام مبارك الحقوقي وشقيقته مني سيف ولمن لم يعرفها اذكره فورا بحركة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين والتي كانت من مؤسسيها..ناهيك عن والدته ليلي سويف مؤسسة حركة استقلال الجامعات المعروفة اعلاميا بحركة 9 مارس والجمعية المصرية لمناهضة التعذيب وعالمة الرياضيات المعروفة وخالته اهداف سويف الكاتبه المعروفة وجده عالم النفس الاشهر مصطفي سويف وجدته استاذة الادب الانجليزي فاطمة موسي لتجد فورا ذلك الفيديو الذي يثبت لك انه ماسوني ملحد كافر شاذ جنسيا يبارك زواج المثليين-من المعروف انه ينتظر ابنه الاول بالمناسبة...فلتنبهر بموقف يسري فودة - فخر الاعلاميين العرب بلا جدال - حين سئم ضغوط المجلس العسكري فأوقف برنامجه احتجاجا ولا عزاء لانصاف الاعلاميين و"كدابين "..الزفة"الذين يهتفون لولي النعم علي الدوام من منطلق "عاش الملك...مات الملك"..او من باب "انا اللي يحكمني اهتفله وادعيله"...لتجد ذلك المقال من المصدر الموثوق الذي يقول بأن يسري فودة الذي اعتذر عن لقاء جنرالات المجلس يوم طلب منه ارسال الاسئلة واعتبرها تدخلا فجا صريحا قد "غضب"لان المجلس قد اختار مني الشاذلي ومعها ابراهيم عيسي للقاءه!!..ويجب بالطبع ان تختتم تلك المقال بالجملة المعتادة"والله علي ما اقول شهيد"!!

ثم تتضخم الاحداث وتتضارب المواقف الرسمية بدءا ممن مات بلفافة في سجن طرة حتي مقتل شاب علي يد ضابط مختل عقليا...ثم يأتي اعتصام امناء الشرطة...وصياح الديكة بين المحامين والقضاة...والاضرابات المتكررة..ثم اسطورة الحمبولي التي تشابهت كثيرا مع اسطورة السمورة في بورسعيد واسطورة عزت حنفي باسيوط...ثم الحكم علي قتلة خالد سعيد بحكم واه...وتأجيل محاكمة مبارك حتي ميعاد رد المحكمة..ثم تصريح الخارجية القبرصية بتداول 29مليار دولار من ثروة مبارك..والمجلس يستنكر..وعصام شرف يصمت..والعيسوي ينكر...والببلاوي يتذمر...حتي ارتبك الراي العام وتذمر واصبح حانقا علي الثورة..حالما بامان زائف متخليا عن حريته وحقوقه

قلناها حتي بحت الاصوات وجفت الاقلام ورفعت الصحف..قلناها مرارا وتكرارا لكل من شكك و خون ..قلناها لمن فهم ولمن لم
يفهم...قلناها حتي ضاقت الصدور وانفجرت الحلوق...قلناها لكل من اعطي اولويته الاولي والأخيرة لمصلحته الشخصية وأطماعه ومؤامراته ومخططاته وصفقاته ...قلناها فلم يستمع احد..وحين استمتع سخر..وحين سخر حنق...ثم انتهي الحوار كما تنتهي غيره من الحوارات بأن الحكومة انتقالية..ومجلس الشعب قادم...والانتخابات اولا...ولابد من برلمان منتخب يعطيه الشعب سلطة شرعية...

لكل من لم يع الدرس نقولها مرة اخيرة...لن يسلم المجلس العسكري السلطة لحكومة مدنية وبرلمان منتخب فيحاسبه ويضعه تحت المساءلة...المجلس العسكري جزء لا يتجزأ من نظام فاسد قمئ سلطوي متعجرف متغطرس لا يستمع لراي الشعب باعتباره الغوغاء ..الذين يعيشون تحت ظلالهم...المجلس العسكري هو حامي حمي النظام السابق واخر اركانه...هو الذي حافظ علي الفوضي...هو الذي اعطي البلطجية صكوكا للغفران وجعلهم كتفا الي كتف بجوار الشرطة العسكرية لقمع المتظاهرين ...هو الذي سمح للجمال والبغال بالعبور الي داخل ميدان التحرير...هو الذي اطلق طائراته المقاتلة ابان الثورة لارعاب الثوار...هو الذي سمح بفرم وثائق امن الدولة حين كان يحمي منشاتها في الوقت الذي احرقت فيه منشات واقسام شرطة تحت سمع وبصر رجاله...هو الذي احال الاعلاميين الي النيابة العسكرية..هو الذي احال الثوار الي المحاكمات العسكرية...هو الذي فرم الصحف واوقف الصحفيين عن العمل..هو من دهس متظاهري ماسبيرو..هو من نشر الرعب من الافلاس والمجاعة ووضع الازمة تلو الازمة تلو الازمة في الوقت الذي يحتفل بانتصارات اكتوبر ويرفع اطول سارية علم احتفالا بعيد ميلاد المشير بملايين الجنيهات..هو من..هو من....والاتهامات تتوالي وتتتالي ...لقد فعل المجلس العسكري كل ما بوسعه لشعب غافل كي يبين له سوء نواياه...لكننا لم نصدق..ومن صدق خشي احداث فتنة حين كانت احداث ليبيا وسوريا جلية وفي اوجها ظاهرة واضحة للعيان..والمجلس العسكري يمارس ادني العاب الحرب النفسية ويحدث المزيد والمزيد من الفرقة والتشتت.

الان وقد صار الاعلان الدستوري علي الابواب..واصبح للمجلس العسكري السلطة المطلقة فلا يحاسبه برلمان ولا تساءله حكومة...الان وقد اصبحت ميزانية القوات المسلحة رقما واحدا في ميزانية الدولة واصبحت صلاحيات المجلس العسكري حامي الشرعية الدستورية مادة فوق دستورية...الان وقد اصبح للمجلس العسكري الحق في تشكيل الدستور اذا لم يحدث توافق وطني علي لجنة تاسيس الدستور ..الان وقد اصبح من سلطات المجلس حل مجلس الشعب بأكمله الان وقد اصبح لفلول الحزب المنحل صوتا ولافتات وتهديدات علنية...اكاد اراهن ان جمعة المطلب الوحيد يوم الثامن عشر من نوفمبر سوف ترفع ذلك الشعار المتوقع...لا للمبادئ فوق الدستورية...لا للالتفاف علي ارادة الشعب...وبهذا سوف ينتصر المجلس العسكري كالعادة في تلك الجولة.

لقد تعدي الأمر العاب الشطرنج السياسي ايها السادة...ومن صفق وهلل وقال "كش مشير" يجب ان يراجع موقفه..ف التاريخ يكتب الان ايها السادة..تسود صفحاته بمن قال وفعل ومن قال ولم يفعل ومن لم يقل ولم يفعل...كلنا الان نختار مكاننا في كتب التاريخ ولنتذكر ان من استطاع تزوير التاريخ ثلاثون عاما في قفص الاتهام الان ..وان التاريخ رقيب حازم صارم اشيب الشعر ملأت التجاعيد وجهه وزادته خبرة تجعله اليوم تلو الاخر لا يسمح بالغش ولا بالتدليس ولا بالمراوغة.

اعود فاقول المجلس يلاعب الجميع لعبة اثمة..وما سوف ينتج عن تلك العلاقة الغير الشرعية هو ابن مشوه لبلد بلا دستور ولا سلطة منتخبة حقيقية ونظام عفن خرب يعود اكثر شراسة من ذي قبل!!

الثورة تعود للمربع رقم 1 ايها السادة...الشارع...كما قلنا ونقولها مرارا الثورة لها مطالبها التي لا تحيد ولا تجدي معها انصاف الحلول..الثورة تدير ولا تدار..تقود ولا تقاد..الثورة هي من تمد الشرعية وليس مجلسا عسكريا وضعه نظامه في مرتبة الاله..ومازال يعامل شعبه بأنه حامي الحمي يعطي ويمنح ويقدر ويمنع ويحيل السلطات القادمة في الدستور الجديد الي مجلس شعب كالبرميل الاجوف يصدر ضجيجا خالي من الصلاحيات ..

من ضاعت لافتاته القديمة فليبحث جيدا عن تلك اللافتة التي كتبت يوما بدم ثمنمائة وثلاثون شهيدا...فلينقب بين اكوام الاتربة التي غطت ذاكرته...فليبحث عند جار كان يوما زميلا في لجنة شعبية يدافع عن بلاد افترسها من يمنحها الامان...فليفتش في ضمير اعلام يخرسه مقص الرقيب الان او ليبنش بين اكوام الورق المفروم في مكاتب امن الدولة التي دفنت اسرارا واسماء ومتهمين بقضية اغتيال شعب باكمله...او ليسأل احد الصحفيين الذي تم فرم جريدته قبل صدورها او ذلك الاعلامي الذي تم تهديده او تلك الضحية التي تم تعذيبها حتي الموت في السجن او في اقسام الشرطة....فلينقب وينقب وينقب فالحل اصبح قتالا شرسا لا هوادة فيه...المطلب الوحيد الان رغم مايثيره الامر من قلق هو اسقاط نظام حكم المجلس العسكري واتفاق القوي الوطنية جميعها علي مجلس رئاسي مدني انتقالي وحكومة انقاذ وطني قوية تعبر بمصر تلك المرحلة الحرجة الي بر الامان

الشعب يريد اسقاط النظام ايها السادة...ومازال النظام يقاتل بشراسة لا هوادة فيها كي لا يسقط..ومازال المجلس العسكري اخر دعامات النظام...لقد اصبحت ظهورنا للحائط الان فالعدو امامنا والبحر من خلفنا فلم يعد هناك ادني مفر

وفي النهاية اختتم بكلمات الاعلامي القدير حمدي قنديل ثقيلة الوطء

"ان ثورتنا لم تكن لاسقاط مبارك وحده..ثورتنا كانت لاسقاط النظام...ثورتنا كانت لاسقاط مؤسسات النظام...ثورتنا كانت لاسقاط اتباع النظام..ثورتنا كانت لتحيا مصر..ثورتنا كانت لاقامة نظام جديد..نظام حر..نظام ديمقراطي...نظام به عدالة ..نظام به كرامة...نظام طاهر...نظام شريف...اذا ظن بعضهم انها كانت انقلاب او مجرد حركة اصلاح..فقد أعلناها ثورة..وسوف تكون

نشهد الله ان ما سيحدث بسبب تراخي المجلس العسكري الاقرب في معناه ومضمونه للتواطؤ والخيانة...ونشهد شعب مصر بأننا لم نكن البادئين"

فلتستقيموا ايها السادة...استقيموا ..استقيموا...يرحمنا ويرحكمم الله






No comments: