وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ

Wednesday, October 26, 2011

فلقد برئت من المجاملة


ضقت ذرعا بمحاولات الحيادية والكلام المعسول المغلف باكثر من معن فقد أعطي هذا الحق للعديدين في التنصل والتحذلق والفلسفة وتحميل المواقف والأمور بأكثر من معناها وتأويلها بغير مرادها حتي تاهت الحقائق وذهبت الرؤي وفقدت الثورة زخمها والمليونيات تأثيرها واصبح الوضع اشبه بغمغمات غير مفهومة لحشد يتكلم دون ان يستطيع احد تمييز مايقول .ولهذا – وللجميع حق النقد والمعارضة والنقاش والخلاف والسباب والضرب – فانني افرد بعض سطور لا مجال فيها لكلام معسول متحذلق مفلسف 
بل هو اقرب لصفعة الافاقة الشهيرة في حالات الانهيار العصبي او الصدمات الكهربائية لثورة علي وشك الموت اكلينيكيا.

رسالتي الأولي للاخوان المسلمين ..قلتها واقولها مرارا ما يمارسه مكتب الارشاد اكثر فقرات السيرك السياسي ترفيها علي الساحة...محاولات الميوعة وامساك العصا من المنتصف فاشلة تماما في وسط صارم حازم لا يقبل بأنصاف الحلول...وبالطبع فآخر تلك الفقرات كانت موافقة حزب الحرية والعدالة علي ميثاق الشرف الوهمي في اجتماع الاحزاب الاخير..والاخوان تتحفظ..مثلها مثل سائر الاحزاب التي تنصلت من توقيع مندوبها ... الترامادول لن يجدي نفعا ايها السادة فلم يكن احدكم مغيبا حين فوض من يتحدث باسمه..وقاعدة اعمل نفسك ثوري تثبت فشلها اليوم بعد الاخر...وهي التي تتلخص في جس نبض الراي العام..ولا بأس بعدها من القاء بعض الجثث للكلابلا استطيع انكار دور شباب الاخوان في الثورة...ومواقفهم النبيلة اليوم بعد الاخر يثبت اتساع الهوة بين الاخوان المسلمين والثورة نفسها..لولا بقية من ولاء لتبرأ شباب الاخوان من تلك المواقف الهزيلة –وقد حدث هذا فعلا واثبت منهم حضورا قويا في مليونيات قرر مكتب الارشاد عدم الخوض فيها لانهم لا يضمنون لها نجاحا-الاسراع في انتخابات برلمانية وتلك الضمانة الزائفة بقوة الشارع واغلبية البرلمان لن تفيد اذا ما زادت الهوة اكثر واكثر ووجد الاخوان انفسهم في حالة تضحية دائمة بالثورة للمجلس العسكري لضمان سرعة اجراء الانتخابات..فالبرلمان..فالدستور..الخالخ

اما عن رسالتي الثانية فهي لليبراليين الذي لم يكلف احدهم خاطره بالقيام بخطوة واحدة لتوعية الشارع..اجتماعاتهم معقمة نقية في قاعات مؤتمرات فنادق ضخمة...هؤلاء الذي لم يحترم منهم راي الاغلبية في الاستفتاء الهلامي الذي قام به المجلس العسكري والذي كان القشة التي قصمت ظهر بعير الثورة والتي فرقت الجميع عن ايقونة الثورة من الاساس..قواعد اللعبة معروفة ايها السادة فلا داعي للمحايلة والغش وادعاء العلم وتلك النظرة الفوقية للطبقة البسيطة التي لا تحمل دكتوراة في العلوم السياسية والتي عمرها السياسي لا يزيد عن تسعة شهور هي عمر الثورة.

رسالتي الثالثة للحكومة المؤقتة المغيبة الغائبة فاقدة الصلاحيات وربما الاهلية لادارة الازمة المصرية والمرحلة الانتقالية الحالية...دوركم ايها السادة ادارة المرحلة الانتقالية لما يريد شعب قام لتوه بثورة واصبح يتسول مطالبها لا لما يريد فلول واتباع النظام السابق..وهذا يذكرني اكثر ما يذكرني بمشهد الديكتاتور العبقري للفنان الاكثر عبقرية"محمد صبحي"في مسرحية تخاريف حين قرر تطبيق الاشتراكية فقامت الراسماليون بثورة لعدم تطبيق الاشتراكية فطبق الراسمالية فثار الاشتراكيون رافضين الرأسمالية...هناك مطالب محددة توفقية بالاجماع الشعبي..حين تطالب بتطبيق الحد الادني والاقصي للأجور لا تتحدث عن بدء دراسة تطبيق الحد الأدني ..قصة الحاخام والخنزير الشهيرة...حين تطالب بتطبيق قانون الغدر والعزل السياسي فلا تضع العراقيل لضمان استحالة التطبيق..دوركم ليس في توفير الطعام الغير موجود ولا البنزين الذي يتم اخفاؤه او تهريبه..انتم من سميتم يوما بحكومة الثورة وقد اضعتم بالفعل هذا الشرف.

رسالتي الرابعة للدعوة السلفية وانصارها واتباعها ومريديها...تذكرة بسيطة لمن نسي منكم ان تواجد السلفيين في الميدان كان شخصيا وليس باسم الدعوة السلفية اوغيرها مثلهم كمثل كل من قام بالثورة..في الوقت الذي ظل شيوخ السلفية يخرجون بالفتوي تلو الاخري بحرمانية الخروج عن الحاكم وان المظاهرات فتنة..لا داعي الان للقول بانه لولا وجود تيارات الاسلام السياسي في الميدان لفشلت الثورة..هذا كذب وافتراء صريح...لا تستطيع انكار ان بعض شيوخ السلفية تواجد في الميدان بالفعل وحث الجميع –اسلاميين وغير اسلاميين-علي التواجد والجهاد ضد حاكم ظالم ولكني اتحدث عمن ملات صورهم وتصاريحهم الاعلام والصحف والانترنت.ليس منا من يرفض تطبيق الشريعة ولكن الجميع يختلف في مسمي الدولة الدينية التي قال عنها احدهم ان الديمقراطية بها حرام وان الحاكم يحكم حتي مماته وانه لا وجود لاحزاب معارضة...هذا وان افقد الجميع مضمون حقوق المواطنة والعدالة فهو يفقده اكثر شعور اكثر اهمية...وهو الخوف من الاسلام..واعود واقولها ان من يتكلم وان اساء لنفسه فهو يسئ للاسلام اكثر...واتذكر هاهنا مقولة حازم صلاح ابو اسماعيل حين قال لا تستمعوا لكلام شيوخ السلفية في السياسة .

رسالتي الخامسة لكل من عمل يوما في وزارة الداخلية ضابطا او جنديا او حتي اداريا...الا القليل الشرفاء منهم بالطبع...كل من قام يوما باستغلال منصبه ..كل من قام بتعذيب مواطن لا لشئ الا لاشباع رغبة سادية..كل من اطلق رصاصة ..كل من جعل طفلا يتيما لن يري والده ولا اب انفطر ابنه علي ولده ولا ام مكلومة مازالت تحمل حتي الان الرصاصة التي استخرجها الطب الشرعي من جسد ولدها..اقولها دون شفقة ..انت تستحق ماهو اكثر...تستحق موتا بطيئا معذبا قاسيا واعدا جائرا...تطهير الداخلية ليس حلا لأن البذرة الفاسدة لن يستخرج منها اطايب الطعام بل الحل حرقها في ميدان عام وتركها تتعذب حتي تتفحم...وهذا اقل ما يجب للقصاص.

رسالتي الاخيرة للمجلس العسكري...دوره الغامض في حماية الثورة ينكشف يوما بعد الاخر..هناك العديد من الشواهد التي تؤكد عدم مناصرته للثورة من الاساس منذ بدايتها بل هو اقرب للتضحية برأس النظام للحفاظ علي النظام نفسه...ليس اول تلك الشواهد ولا اخرها الطائرات المقاتلة التي جابت سماء التحرير والمحافظات المختلفة علي ارتفاعات منخفضة والتي لا تفسير لها سوي اثارة رعب الثوار...وليس اولها ولا اخرها الحيادية التامة اثناء حرق المنشات او حتي دخول الجمال بجوار مدرعات الجيش بل وفتح الطريق لها...السياسات المتخبطة التي تحاول ارضاء جميع الاطراف والتي تروج لمخاوف المجاعة وعجلة الانتاج... من يبحث عن الف قرينة لادانة المجلس العسكري فسوف يجد...ومن يبحث عن الف قرينة لاثبات ولائه للثورة فسوف يجد..وهذا يدل علي انه في بعض الاحيان ما يكون التلميذ امهر و"اشطر"من استاذه

التاريخ يكتب الان ايها السادة..تسود صفحاته بمن قال وفعل ومن قال ولم يفعل ومن لم يقل ولم يفعل...كلنا الان نختار مكاننا في كتب التاريخ ولنتذكر ان من استطاع تزوير التاريخ ثلاثون عاما في قفص الاتهام الان ..وان التاريخ رقيب حازم صارم اشيب الشعر ملأت التجاعيد وجهه وزادته خبرة تجعله اليوم تلو الاخر لا يسمح بالغش ولا بالتدليس ولا بالمراوغة.

جيفارا مات ايها السادة...وللحديث بقية ان شاء الرحمن..وحتي حينها.. فلتستقيموا..استقيموا..يرحمنا ويرحمكم الله.


No comments: