فضفضة

في ليال كتمت سر الهوى
بالدجى لولا شموس الغرر
مال نجم الكأس فيها و هوى
مستقيم السير سعد الآثر
حين لذ النوم شيئاً أو كما
هجم الصبح هجوم الحرس
غارت الشهب بنا أو
ربما أثرت فينا عيون النرجس

كلمات لسان الدين الخطيب..غناء فيروز

**********

حالة صحية بالغة السوء انتابتني دون سابق انذار وتركتني في حالة شديدة من الحيرة والغضب

لأنني - ولله الحمد - اعتدت نفسي وافر الصحة أخذت أفتش بدقة عن عاداتي التي سبقت ظروف مرضي علني أجد السبب في تلك الهوه من ارتفاع درجة الحرارة والدوار المباغت

ولهذا كانت الحيرة

أما الغضب فلانني لم اجد سببا واحدا يدعو لذلك علي الاطلاق

وصاحبت تلك الحالة الصحية السيئة حالة نفسية اسوأ بمراحل عدة وتركتني في حالة شديدة من الاحباط والضيق

وكانت تلك الحالة السيئة لاسباب عدة

ذلك ان تلك المرحلة الحرجة من حياتي - العملية بالذات - في ذلك التوقيت لزمها نشاط وافر وعقل متقد وحركة لا محدودة تجعلني اذهب من هنا الي هناك..علاقات عدة ومناقشات ساخنة وعمل مستمر ومحاولات لاثبات الوجود في اكثر من مجال ومكان

وبالطبع منعني انشغالي بحالتي الصحية دون ذلك

او لمزيد من الدقة لم توجه طاقتي العقلية كلها الي ذلك

وانا من المؤمنين بشدة بالطاقة العقلية الصافية..أن يعمل عقلك بنسبة مائة بالمائة من طاقته في جميع الاوقات وفي اي مجال او حوار او حتي ترفيه

ولكني في تلك الفترة كنت علي النقيض تماما

قرارات متخبطة..تركيز مشوش..الام غير مبررة

بالاضافة لحالة شديدة من الاحباط التي لازمت اضطرابات شديدة في عملي الذي لم اتابعه بالقوة اللازمة ففقدت كثير من تفاصيله

ولا يخفي علي الجميع مدي اهتمامي بالتفاصيل ...الصغيرة منها والكبيرة

ومما زاد تلك الحالة الماجستير الذي لا اعلم شيئا عن مواده او نقاط بحثه حتي الان

لمن لا يعلم فانا مسجل في الماجستير في جامعة المنصورة في ادارة مشروعات متقدمة

والمستقبل الذي بدا أكثر اظلاما من...من الظلام نفسه ولا اجد تشبيها اقوي للاسف

وفي ذلك اليوم الذي لم انم فيه لارتفاع درجة الحرارة الشديد الذي تعدي الاربعين بالتأكيد واستيقظت بعد اخذ العقارات اللازمة لاجدها تسع وثلاثين زالت حيرتي عن السبب الرئيسي لتلك الحالة الصحية الغامضة

ثم وقعت في تلك الدوامة الشهيرة

الم ساعة...ام الام علي مدار الساعة؟

هذا لان انهاء تلك الحالة والذي كنت اعرفه تمام المعرفة هو عملية جراحية تزيل ذاك السبب من جذوره

ولم استطع اتخاذ ذاك القرار

لان قرار العملية الجراحية ليس سهلا بالنسبة لشخص مثلي..يمقت الالم..يمقت الاحساس بالعجز

ولاكون صريحا فانا اخاف وبشدة العمليات الجراحية وما يمكن ان يتعلق بها من اطباء وحقن تخدير - وهي كابوسي الدائم في اي عملية جراحية - وحالة الهلوسة الشديدة الناتجة عن المخدر بعد العملية - لم تكن المصائب التي قلتها من قبل خافية عني بعد ان اخبرني بها كل من قابلني بعد اجراء العملية السابقة

وكما قلت انفا لم يكن لدي القدرة ولا الوقت كي اتعافي من عملية جراحية

وذلك لان جميع مراحل عملي تلك الايام حرجة

فبقي الالم كما هو عنيفا كاسحا

عنيفا لتلك الدرجة التي جعلتني ملازما للمنزل مايزيد عن اسبوع كامل انهي اعمالي بالتليفون المحمول الذي ادركت مدي اهميته بالرغم من ادعاءات الجميع بعدم اهميته

وساءت حالتي النفسية اكثر واكثر حين رأيت قلق ابي وامي ومدي احساسي بعجزهم عن ازالة الام ابنهم الوحيد مما جعلني عصبيا معظم الاوقات لا اطيق حتي الكلام

فان اكثر ما اكرهه العجز وعدم القدرة

ووسط هذا كله كان قراري بالاختفاء

ابتعادي عن التدوين

انكرت وجودي عن كل من كلمني علي هاتف المنزل متعللا باني نائم

ردودي علي هاتفي المحمول كانت ردود عائمة ممجوجة تحتمل الاف المعاني

دخولي علي الانترنت كان في المعظم للتصفح وان لم أكن استطيع الجلوس لفترات طويلة

حتي المسنجر كنت ادخله بهيئة غير متصل

ومؤخرا كنت انام بعد صلاة العصر فاستيقظ في فجر اليوم التالي غير عالم اهو هروب ام ارهاق ومقاومة جسدي في تلك الحرب الضروس

ثم كان الاتصال الهاتفي الذي كان بداية خروجي من تلك الازمة الشديدة

يــــتــــبـــع