نعود فنقول ان اختزال مطالب الثورة ومكتساباتها في برلمان منتخب هو من عداد الهزل السياسي ...كأنما قدخرج المصريون في ثورة عاتية لمجرد رفضهم نتائج انتخابات 2010..وصارت شرعية البرلمان مضادة لشرعية الميدان –وهي تلك الخطوة التي ارادها المجلس العسكري بالضبط لاجهاض الثورة - واصبح الكثير من التيارات الان تصرخ بأن الشعب الذي اتي بأغلبية ما – سواء رفضتها أنت او قبلتها – هو الشعب الذي قام بالثورة وهو الذي اكتفي الي هذا الحد بانعقاد جلسة البرلمان الذي ظل العديدين في شك من تكوينه وانعقاده..بل واصبحت الاغلبية البرلمانية – الممثلة في الاخوان والسلفيين – تري ان لها كل الحق في السيطرة علي لجان البرلمان ورئاسته بالاضافة للنقابات والادارات و..و.مما يجدنا قد دفعنا دفعا في ذلك المسار الذي جعلنا نستبدل الحزب الوطني المنحل بحزب الحرية والعدالة او ان يصير حزب الحرية والعدالة هو الحزب الوطني مذبوح علي الطريقة الاسلامية.
وبالتالي ليس عجيبا ان تستمع الي تلك الأقاويل التي تقول بأنه لم يعد هناك ما يسمي بشيوخ الثورة او شباب الثورة بل يوجد احزاب ونواب برلمان..بالبلدي "فيه مجلس شعب اقعدو في بيوتكو"..وهذا دليل دامغ علي قصر التفكير وله من الدلالات اهمها ان تلك الانتخابات والتي قد تكون قد اتسمت بالحرية فهي ابعد ما يكون عن الديمقراطية الحقة ..فلا يوجد اي ديمقراطية في العالم تختزل الرأي العام في نواب البرلمان وارائهم فكم من حكومات منتخبة وبرلمانات منتخبة في امهات الديمقراطية الحقة قد ثار عليها شعبها وقامت المظاهرات والاحتجاجات علي قراراتها وليس اول واكبر الامثلة الاحتجاجات التي قامت ببريطانيا حين قررت حكومتها اعلان الحرب علي العراق وانضمامها لقوات التحالف..وهذا يدفعنا دفعا للتفريق بين مايسمي بأغلبية البرلمان واغلبية الشارع..فأغلبية البرلمان تعني ان تتوافق رؤي مجموعة من الاشخاص –المنخبين اعني او القوة التصويتيه بالشارع- في برنامج سياسي ما لحزب معين لكنها لا تعني بأي حال من الأحوال موافقتها علي قرارات نواب ذلك الحزب او مساره السياسي فالموافقة تختلف اختلافا تاما عن التوافق واقرار الشعوب بمن يمثلها لا يعني الغاء مواقفه وارائه تجاه السياسات العامة او القرارات الخاطئة بدعوي اغلبية برلمانية مزعومة وليس ادل علي ذلك – علي سبيل المثال وليس الهجوم والتهجم – بالعديدين ممن اختار احزاب الاسلام السياسي ثم ندم بعد مواقفها المتخاذلة في العديد من المذابح الاخيرة- سحل الفتاة علي سبيل المثال في احداث مجلس الوزراء الاخيرة او اقامة منصات ومسيرات احتفالية في الوقت الذي يتواكب مع مرور عام علي استشهاد احد ثوار التحريروذويه بالميدان ينادي بسقوط النظام..ببساطة من اختار اي حزب من الاحزاب لا يسلم له قراراته وقناعاته فأغلبية البرلمان ليست ابدية ومن خذل منتخبيه في دورة برلمانية سوف يسعي منتخبوه الي اختيار فصيل اخر يثق به وبمواقفه...وببساطة أيضا –واكرر ان هذا ليس هجوما اوتهجما- من اختار نواب احد احزاب تيار الاسلام السياسي في البرلمان لا يعني انه ضد سياسة المجلس العسكري ولا يعني انه سوف يجلس في بيته لا يسير بمسيرات ولا يقود تظاهرات لاسقاط النظام العسكري .
والحق احق بأن يقال..فجلسات البرلمان ليست بذلك الضعف الذي توقعه الجميع لكنها تظل جلسات استماع وتحدث دون اي قرارات فعلية ومواقف قوية..كان بالاحري في اولي جلسات البرلمان اقرار قانون استقلال القضاء مثلا او استجواب ما لوزير الداخلية والحكومة عما فعلت ابان المرحلة الانتقالية...وربما حدث هذا في جلسات اخري بعد انتهاء تشكيل اللجان وما الي ذلك..لكن الامر الذي لا يختلف عليه اثنان هو رفضه التام لبرقية الشكر التي ارسلها الي المجلس العسكري للحفاظ علي وعده باجراء انتخابات برلمانية..فلا شكر علي واجب ايها السادة وكان بالاحري ارسال تلك البرقية الي شهداء الثورة وذويهم التي تخضبت الشوارع المؤدية للبرلمان بدمائهم..فما يجب علينا جميعا ان نتذكره انه لولا الموجة الثورية الاعنف في محمد محمود ما اكتملت الانتخابات البرلمانية بعد مماطلات عدة اضاعت علي مصر وقتها ما يقرب من ثمانية اشهر كاملة واجبرت المجلس العسكري علي تبكير تسليم السلطة عاما كاملا.
يجب ان يتذكر نواب البرلمان جيدا ان اختيارهم كان من الشارع المصري بمواطنيه كافة..بشيوخه ونسائه وشبابه..يجب الا تتضارب قراراتهم قط مع شرعية الميدان الذي اتي بهم نوابا عن الشعب المصري لا اسيادا ولا سياسيين في مقام اعلي...يجب الا ينحاز البرلمان الي السلطة والحكومة والمجلس العسكري.. وليتذكر دوره في مراقبتها وحسابها وليتذكر –كالعادة- ان التاريخ يكتب وتسود صفحاته بمن
قال وفعل ومن قال ولم يفعل ومن لم يقل ولم يفعل.
وأخيرا فانك لا تستطيع بضمير صاف ان تهنئ الشعب المصري بمرور عام علي ثورته التي لم تكتمل..وشهدائه الذي تساقطوا واحد تلو الاخر دون قصاص..ولا تستطيع ايضا ان تهنئ الشعب المصري علي برلمان ارسل برقية شكر الي المجلس العسكري للوفاء بوعده..ربما كان الامر مبكرا للحكم علي البرلمان حتي الان ولكن – كما يقول الاعلان الشهير- الانطباعات الاولي تدوم.
استقيموا...يرحمنا ويرحمكم الله
No comments:
Post a Comment