فليتذكر الجميع ان اول بطاقة انتخاب تلقي في اول صندوق في اي لجنة انتخابية هي نهاية للشرعية الثورية وأن اي مظاهرة او اعتصام في اي ميدان سوف يعد انقلابا علي ارادة الشعب الذي سيق لانتخابات برلمانية – ولن امل تكرارها – هي ابن سفاح لسلطة عسكرية غاشمة وثورة غضة جل ما ارادت ان تحيا لتري وطنا ينمو حرا شريفا.
لأيام عدة كان رهاني الأكبر علي ثورة نضج ثوارها وتعلم خطؤه الاول في ترك الميدان دون قيادة تمثله,ولكن – نكاية في جلد الذات – وكعادتنا في ان نتفق علي الا نتفق فقد اختلفت الائتلافات والقوي في اختيار ممثليهم,واخذت كل منهم العزة بالاثم وهب الجميع صارخا يتهم الاخر بالتخوين والديكتاتورية وان اختيار هذا لا يعبر عنه وان ذاك يبحث عن مصالح شخصية وذاك يقفز علي الثورة وهذا لا يستحق ..حتي تفرق دم الشهداء بين الائتلافات وتفرقت الاراء وازدادت الهوة بين كل فصيل واخر واصبحت الثورة جسدا هائلا مكونة من كتلة بشرية تصرخ وتعترض دون عقل مفكر ولسان واحد ولغة مشتركة بل والاهم..الاتحاد.
وانني لاتعجب من قيام مظاهرة حاشدة لتأييد المجلس العسكري والمشير طنطاوي...ألم يعلم هؤلاء ان المجلس العسكري طال حكمه ام قصر هو مرحلة انتقالية تعبر بمصر الي قفزة ديمقراطية هائلة بعيدة عن حكم العسكر؟؟هل سيظل هؤلاء علي ولاءهم للمجلس العسكري والمشير بعد انتهاء الفترة الانتقالية ام سينتقل انتماءهم الي اول رئيس منتخب كما انتقل الي المجلس العسكري من الرئيس المخلوع مبارك؟
اما الاكثر عجبا وايلاما فانه في نفس الوقت الذي اجتمعت فيه القوي المناهضة للثورة في مظاهرة لتأييد حكم العسكر وتشويه صورة الثورة...فقد اختلف الثوار انفسهم في اختيار من يعبر بمصر تلك الفترة الانتقالية الضبابية الغامضة..الامر الذي اثبت للجميع ان الثورة ليست بتلك القوة..ليست بتلك الحصافة والذكاء...اثبت للجميع ان الثورة عشوائية فوضوية لا تملك الا ان تعترض وتوجه طاقتها البشرية الكبيرة في الاعتراض لمجرد الاعتراض ...وسحب شرعية الثورة من بساط ميدان التحرير نفسه لتجد من يقول بأنه لا يمثل الشعب المصري وانه لا يعبر عن نبض الشارع ورغم الخطأ القاتل لتلك الفرضية التي يهدم ايقونة الثورة من اساسها ورغم ان ميادين التحرير من شمال مصر لجنوبها ومن شرقها لغربها قد اجرت الدم في عروق الثورة لأيام وساعات طوال...فقد انتصرت الثورة المضادة لشدة تنظيمها وقوة قيادتها والاعيبها بارعة التخطيط.
لثد فشلت الثورة في الانتقال من الميدان الي السياسة الثورية وانحازت لقوي التقسيم والمصالح الشخصية..يكفي ان تفتح فمك لتتثاءب حتي يقال انك اناركي تتامر لتأجيل الانتخابات..وقومي تتظاهر دفاعا عن القضية الفلسطينية..واشتراكي تبحث عن حقوق العمال..وراديكالي تتوق للسلطة وبراجماتي تبحث عن مصلحة سياسية....اصبح من ينادي بالحرية ليبرالي ..ومن ينادي بفصل الدين عن السياسة علماني..ومن ينادي بتطبيق الشريعة متطرف و...و...و...
هنيئا لنا ايها السادة بأول انتخابات برلمانية بعد الثورة لمجلس شعب لا يملك ان يراقب ويحاسب الحكومة المعينة من قبل المجلس العسكري بل ولا يملك سحب الثقة منها وسلطاته التشريعية مقيدة..وهنيئا لنا بحكومة انقاذ وطني لا تملك من الصلاحيات اكثر من صلاحيات الحكومة التي سبقتها والتي جثم المجلس العسكري علي انفاسها لتتحول الي سكرتارية خاصة تؤمر فتنفذ في صمت .
فلتطلقوا رصاصة الرحمة علي ثورة شابة تم اغتصابها حتي الموت ايها السادة ولتنزعوا عنها الاجهزة الحيوية..وبعدها توضأوا واستقيموا ..فان كنا استقمنا يوما لصلاة الحاجة لانقاذ تلك الثورة واعادتها للحياة...فلتستقيموا الان لصلاة الجنازة عليها..وعلي شهدائها..وعلي ابطالها...وعلي عذرية فتياتها..ولتناموا رجالا قريري الأعين راعين جميعا ذلك الابن السفاح مستريحي الضمير فيما ادت به اطماعكم بمستقبل تلك البلاد وتلك الأمة ..فقط لا تعيروا الانتباه اثناء نومكم اذا ما سمعتم صراخ ام ثكلي او اب مكلوم او شابا فقد عينا او اثنتين فأصبح ضريرا لا يري.. فقد فعلتم ما بوسعكم ...ولا ينسي احدكم ان يغرس اصبعه في دم شهيد مات يدافع عن الحرية والكرامة..فلا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات.
No comments:
Post a Comment