الجدار

ظلام عذري بكر لم يغزوه أي ضوء

اشجار بدت كوحوش تفغر افواهها علي جانبي ذلك الطريق القفر

وذلك السكون

والصمت الذي يشعر بأنه يطبق علي انفاسه
صمت مدوي يطن كألف صوت
يكاد لا يتبين طريقه وسط الضباب
والظلام
الظلام العذري البكر الذي لم يغزوه أي ضوء

لم يحاول التوقف
ربما لأنه لم يحاول السير
قدماه تبدو وكأنها ذات ارادة ذاتيه
تدفعه دفعا نحو المجهول
دقات خطواته علي الأرض الصلبه تمزق الصمت من حوله

تتعالي خفقات قلبه كعازف منفرد في سيمفونيه الخوف الابديه

لم يبد لذلك الطريق نهاية

طريق مظلم ضبابي كئيب كلحظة حاضر طويلة ممتدة

بلا مستقبل..بلا ادني امل في مستقبل

والادهي انه بلا ماض

لم يذكر كيف اتي..؟

أكان مطاردا؟أم كانت حماقة ذاتية دفعته دفعا نحو مصير مبهم..؟

ايملك خيار التوقف؟

أم يستمع الي ذلك الهاجس الغامض بداخله..؟

لا تتوقف...لا تتوقف

ويمتزج صوت ذاك الهاجس الداخلي بخفقات قلبه

ودقات قلبه المرتعدة

دقات...خطوات

لا تتوقف...لا تتوقف

بحواس أرهفها الظلام

وقلب الجمه الخوف

وارادة لا تملك من أمر نفسه امرا

يسير مستسلما..باحثا عن أمل لن يجده

حتي يصل للجدار

أهذا جدار؟

بين خيالات الظلام تكشفت لعينيه نهاية الطريق

جدار بدا كالطود وأد اي امل بداخله

اصابته الفكرة بمرح مباغت

الطريق ينتهي بجدار..فلماذا لا يخترق الجدار؟

حذروه كثيرا من الجدران

لا تصطدم بالجدار ..لا تصطدم بالجدار

ربما كانوا مخطئين

ربما لا يصطدم بالجدار..ربما يخترق الجدار

ربما يجد خلف ذلك الجدار طريقا اخر

حذروه كثيرا من الجدران

لم يواجه في حياته جدارا

بدا أشبه بالمهر الصغير الذي يقفز فوق الجدران

يلتف حول العوائق

ربما كان هذا هو الفارق بين الانسان والمهر

ربما اخترق الجدار

ازدادت خطواته ثقة

نفض قلبه خوفا سيطر عليه طيلة حياته

تقاذفته عواصف الامل فيما بينها

ومع اقتراب الجدار شعر بثقته تتناقص شيئا فشيئا

يالضخامة هذا الجدار

يالضخامة هذا الجدار

صوتا بداخله يخفت شيئا فشيئا

ويعلو ذلك الهاجس المرعب

لن تخترق الجدار

تسمرت قدماه اذ وقف تفصله عن الجدار خطوة واحدة

يحاول ان يخطوه

صراع يمزق مابقي من ادميته

امل ضائع..ومستقبل مفقود

لن يخترق الجدار

يبتسم بمرارة

لن يخترق الجدار

يغزوه الاستسلام

لن يخترق الجدار

لم تقو قدماه علي حمله حين فقد حتي الرغبة في الحياة

انهار جالسا مسندا ظهره علي الجدار

يضحك..ويضحك..ويضحك

وتدوي صدي ضحكاته المجنونة بين جنبات الطريق