عادة سخيفة صاحبتني طوال حياتي..اعتدت دوما ان اجمع العملات المعدنية المتبقية في جيبي واضعها في كيس بلاستيكي صغير في دولابي..ثم حين تتأزم الامور اقوم بتجميدها الي عملات ورقية...كنت دائما ما اجد ابي او امي لاضع بين ايديهم تلك العملات دون ان اعني راسي بكيفية التصرف بها
الان وقد صاحبتني تلك العادة الذميمة الي راس الخيمة وجدت ان ما معي من عملات ورقية قد انتهي او كاد..وان في دولابي الصغير كيس بلاستيكي صغير يحتوي علي مايزيد عن مائة وعشرون درهم مابين دراهم صحيحة وانصاف دراهم وارباع دراهم وانني لا اجد بجواري من يجمدهم وان الحل الوحيد الذي طالما سخرت منه انني ابتداءا من الغد سوف احمل في حزامي صرة من القطيفة مليئة بالدنانير..اقصد الدراهم
رأيت في رأس الخيمة جنسيات لم احلم ان التقيها يوما...رأيت حدادين افغان..سائقين من باكستان..عمال هنود وبنجلاديش ..رايت فلبينيين وفلسطينيين..رأيت لبنانيين...رأيت فتاة امريكية مثيرة ذات مرة في احد المطاعم...قابلت العديد من المصريين ...ولكني لم أر طوال العشرين يوما الماضية سوي اثنان من الاماراتيين
حين سألني ابي اذا ما كنت قد قابلت احد سكان البلدة قلت له ان ثلاثة ارباع السكان هنود وافغان وبنجال ..والربع الباقي مصريين وانني الي الان لا اعلم اين يقطن الاماراتيين تحديدا
عدت امس من عملي كأي رجل نشيط يستيقظ في السادسة ويعود في السادسة خلعت قميصي المبلل بالعرق ودخلت الي المطبخ...مقلاة عجيبة الشكل هي سبيلي الوحيد لكي اعد ما احضرت من البقالة...برجر الدجاج ومشويات-يطلقون عليها مشاوي-وهي بالمصرية تعني الكفتة وبطاطس نصف مقلية-وهي بالمصرية تعني بطاطس نصف مقلية-سكبت نصف زجاجة الزيت في المقلاة وظللت دقيقتين حائرا اين الكبريت-وهو لاشعال الموقد بالمناسبة-حتي اكتشفت ان عين الموقد اشعال ذاتي تديرها لليمين فتصدر قرقعة وتشعل النار...انتظرت عشر دقائق حتي يسخن الزيت قضيتها تحت الدش البارد الذي تمنيته طوال النهار فنزل رغم ذلك حمما منهمرة حتي انني تأكدت مرتين انني فتحت محبس المياه الباردة وليست الساخنة..المياه تنزل فوق راسك ساخنة تكمل طريقها الي قدميك عرقا...خرجت منتعشا فسمعت اصوات قرقعة الزيت في المقلاة...علي انغام سانتانا فتحت كيس البطاطس النصف مقلية قبضت علي كمية لا باس بها تصلح كغذاء...علي مسافة مناسبة وقفت بعيدا لاضع البطاطس في المقلاة...متفاديا الزيت المتطاير في كل اتجاه خرجت عائدا الي الحمام امسكت بطبق الغسيل "لأشطف"الملابس التي ظلت في الطبق ثلاثة ايام...ذهبت بعدها لانشرها..عدت الي المطبخ لاخرج اصابع البطاطس النصف محترقة واضع بدلا منها الكفتة وبرجر الدجاج واعددت الخبز والكاتشاب-هو نفسه في مصر-واتجهت الي الحجرة لاشاهد فيلم اجنبي بعنوان"ما الذي يمكن ان يحدث اسوأ من هذا؟"..طوال الدقائق القليلة التي جلستها في المنزل وقبل ذهابي الي المكتب ظلت تلك الكلمات تتردد برأسي
ما الذي يمكن ان يحدث اسوأ من هذا؟