يوم عمل مرهق
ولانه اعتاد في تلك الايام ان يقضي فترة الليل في استرخاء وراحة تامين فقد اخذ يخطط لذلك في طريق عودته للمنزل
كوب من القهوة الايطالي الساخنة ...كتاب جديد عن تاريخ الجاسوسية...ربما تفقد بريده الالكتروني ..كل الجرائد مابها شئ جديد..قالها نزار قباني وهو لا يعلم انها تنطبق اكثر ماتنطبق علي بريده الالكتروني..بريده الالكتروني يخلو دائما من الجديد..ربما عشاء دسم وفيلما امريكيا تتطاير فيه الجثث في كل صوب...ان الليل ملئ بالوعود حقا
السادسة مساءا
خطواته محسوبة بدقة داخل المنزل الخالي ....يحب ذلك الصمت الذي يستقبله معلنا انه لا احد الان في المنزل..يخلع حذائه..يتجه الي المطبخ ..لا بأس فهو ان لم يستطع اعداد الطعام يستطيع تسخينه وهي ليست فيزياء الكم علي اية حال..يخلع ملابسه ويفتح جهاز الكمبيوتر ..يتوضا ليصلي ..يتناول تلك الوجبة العجيبة التي لا اسم لها..غذاء..ربما عشاء..مايعلمه هو انه لن يتناول اي شئ حتي صباح الغد
كل الجرائد مابها شئ جديد ولذلك فان افضل مايفعله للقضاء علي ذلك الملل الذي يعصف به هو النوم
********************
ملهوفا يعدو
الثامنة وعشر دقائق..اللعنة...درجات السلم التي لا تنتهي...لا يعلم الكثير عنها لكنه يعلم انه لم يجب عليه ان يتاخر في اول لقاء بينهما الي هذا الحد...عشر دقائق كفيلة بانتهاء العالم...فكيف لا تنهي صداقة وليدة
صداقة؟؟
شعر بان تفكيره يستنفذ طاقته وهو يصعد..ربما لم يجد ابيه سوي ناطحة السحاب هذه كي يقطن بها ولكــ..الثامنة واحدي عشر دقيقة..يصل الي الباب غارقا في العرق رغم برودة الجو..يفتح الباب..يهرع الي جهاز الكمبيوتر....يخلع ساعة يده ويلقي بتليفونه المحمول ومفاتيحه علي المنضدة امامه ...ياااااااااااه كم هو بطئ ذلك الجهاز..ربما يفكر في تغيير نظام التشغيل فيما بعد لو
تجلس امام النافذة السيبرية المفتوحة في قلق
ربما لا تعلم ما الذي اخره الي هذا الحد..الثامنة واحدي عشر دقيقة..ربما لم يكن يعلم ولعها بدقة المواعيد ولكنه سيعلم الان..
ربما تعرض لحادث ما؟؟؟
خفق قلبها مصارعا ذلك القلق الذي تزايد بعد ذلك الهاجس...رغم محادثتهما العديدة السابقة كانت هذه المحادثة الوحيدة التي اتفقا علي ميعادها..لا تعلم ما الذي جعلها توافق رغم اصرارها الشديد علي ان يلتقيا مصادفة فقط..وعندما طلب رقم هاتفها المحمول رفضت بشدة..قال لها ربما تأخر لاي سبب من الاسباب لكنها اصرت علي موقفها..
لو تعلمي كم المعجزات التي حدثت كي اصل الي هنا الان لن تصدقي ان زمن المعجزات قد انتهي
ابتسمت حين رات العبارة المكتوبة امامها..امتدت اصابعها الرقيقة تكتب علي لوحة المفاتيح جملة ما مسحتها في تردد...ربما كان الافضل لها ان تغضب الان وتخبره انها لا تحب ان تنتظر وانه يجب عليه احترام مواعيده
اعتقد انه وقت العتاب من نوع انك لا تحبين الانتظار وانه يجب احترام المواعيد
اتسعت ابتسامتها..قدرته الفريدة علي صياغة مابعقلها ادهشتها دوما..فكرت قليلا ثم
اعلم جيدا ان زمن المعجزات لم ينتهي..لقد انتظرتك وهي معجزة كافية لكي اصدق
اتسعت ابتسامتها حتي قاربت ان تتحول الي ضحكة صغيرة...ربما يعدها الان بانه لن يتاخر ثانية...ويلومها علي انها لم تعطه رقم هاتفها المحمول..
ربما كان الامر اسهل لو كانت بيننا وسيلة اتصال اخري غير
قاطعته بغضب نم عنه ذلك الخط الكبير
لا
********************
لهذا يطلقون عليه اسم التليفون المحمول..لاننا نحمله معنا اينما ذهبنا..لا اتوقع ان اتصل باحد علي محموله ليرد شخص اخر او لا يرد علي الاطلاق
ابتسمت رغم حدته لانها تعلم كم هو شديد القلق..اخذت نفسا عميقا كي لا يبدو في صوتها اي ابتسامة تزيده عصبية..قالت له انها بخير
ولكنها لم تسمع صوت الجرس لان الجو ممطر والهاتف في حقيبتها مما زاده هياجا..
رغم هياجه كانت عواصف السعادة تتلاعب بها
برغم كل شئ
فهو يقلق كثيرا عليها
********************
You've got mail
اثبتت براعة غير عادية في ان تحب ما يحبه
دون ادعاء
يوم قال لها انها نسخته الانثوية ضحكت تلك الضحكة التي يحبها كثيرا لكنه لم يقل ذلك علي سبيل المرح فقط
فتلك الاشياء الصغيرة التي احبها طوال حياته واقتصرت عليه دون غيره اكتشف انه هناك فتاة ما في الجانب الاخر من عالمه تحبها بنفس القدر
لذلك حين قالت له انها تحب ذلك الفيلم كثيرا لم يتعجب
يومها اتفقا ان يتركا نافذة محادثتهما مفتوحة كنوع من محاكاة احداث الفيلم
خفق قلبه خفقة زائدة فجاة في ذلك المشهد العبقري حين
********************
Do you think we should meet
؟؟
حين دوت تلك الكلمة ارتسمت الحيرة علي ملامحهما
فتاتان كل في الجهة المقابلة من العالم ترتسم علي ملامحهما نفس الحيرة عند القاء نفس السؤال
Do you think we should meet؟؟
من العجيب انه لم يرسل لها ذاك السؤال رغم توقعاتها علي تلك النافذة المفتوحة بينهما..لن يستطع احدهما ان ينكر ان هذا هو السبب الخفي لجعل قناة الاتصال مفتوحة بينهما..هذا السؤال في هذا المشهد بالذات..رغم عدم معرفتها بالاجابة ..ترددها الشديد ..ربما اذا رأته فرت هاربه..ربما لن تعتد ان تحدثه وجها لوجه بعد كل ذلك
دوي ذلك الصفير المميز للرسائل القصيرة علي هاتفها المحمول..دمعت عيناها وهي تبتسم ابتسامة مهتزة...رغم معرفتهما الطويلة الان مازال يستطيع ان يفاجئها
MEET???
********************
زحام...زحام...زحام
الصيف يبدا بداية واعدة حقا
ربما كانت مدينته ليست بذلك الهدوء لكنها ايضا ليست بذلك الزحام المبالغ والحرارة البركانية تلك
هذه المرة تعلم الدرس جيدا ورسم تلك الخطة الزمنية المهيبة التي فاقت خطة الهروب الكبير في ذلك المسلسل الامريكي الاشهر
يشاهد معالم تلك المدينة العتيقة رغم الزحام..يتنفس بعمق ويحبس الهواء بداخله للحظات..اذن فهذا هو الهواء الذي تتنفسه كل يوم..ابتسم حين راق له فكرة انه يتنفس نفس الهواء الذي تتنفس منه الان
تتوقف سيارة الاجرة حين يعلن السائق في يأس عجزه عن مواصلة السير في ذلك الزحام الشديد ويخبره انه يستطيع الوصول لوجهته سيرا فلم يتبق الكثير
هو وهي والثامنة مساءا كابوس لن ينتهي بالنسبة له
نظر في ساعته فوجدها الثامنة الا عشر دقائق..تذكر اغنية عدوية الشهيرة
الساعة الا تلت وميعادي معاه تمانية لمالسكة دي رحت ولا لاقي سكة تانية
ربما لن يجد اي مخرج متحمس يريد عمل كليب لهذا المقطع بالذات سوي لشخص شبه تائه في بلد غريب يعدو محاولا اللحاق بموعده الاول مع فتاة يعلم جيدا انه يحبها بجنون رغم عدم مصارحتها بذلك..يبدو هذا جيدا علي الشاشة ..لكنه لايبدو جيدا بالنسبة له حيث يعلم جيدا ان الانطباعات الاولي تحدث فارقا شاسعا..ولن يحب ان يكون انطباعه الاول لديها هو عتاب شديد اللهجة علي تركه اياها وحيدة في ذلك المسرح الكبير الذي تقام فيه تلك الحفلة التي اتفقا علي ان يحضراها سوية
بائع متجول..سيارة تحاول المرور بيأس..امراة تحتضن طفلها وتعدة في سرعة لعبور ذلك الشارع الملئ بكافة انواع وسائل المواصلات حتي انه لو وجد طائرة تهبط الان ما استغرب هذا المشهد
تقطعت انفاسه حين وصل عدوا الي ذلك الباب الكبير..تلفت حوله فلم يجدها..اصابته المفاجأة بالم مباغت اضيف الي الامه لم يمحوه سوي ذلك الصوت الرقيق الذي طالما سمعه ينادي باسمه نظر لها بين انفاسه المتقطعة وقال لاهثا
لو تعلمي... كم المعجزات التي حدثت كي.. اصل الي هنا الان.. لن تصدقي ان زمن.. المعجزات قد انتهي
**********************